نسب هذه القبيلة مما لم يختلف فيه علماء النسب , نظراً لوضوحه واشتهاره.
ومن العوامل المؤثرة في وضوح النسب عموماً , وفي هذه القبيلة على وجه
الخصوص : احتفاظ القبيلة باسمها القديم الذي عرفت به , وعدم تبدل هذا
الاسم مع تبدل الأزمان والأحوال .
إذا أن من أهم أسباب اختلاف النّسابة في نسب قبيلة ما , هو تغيّر الاسم
واندثاره , وهذا ملاحظ في بعض قبائل العرب التي كانت مشهورة ومعروفة
في السابق باسم معين , ثم تبدّل هذا الاسم أو زال بسبب من الأسباب , فلم يعد
لهذا الاسم ذكر في الوقت الحاضر , ثم يقع الخلاف في أي هذه القبائل الموجودة
اليوم يمكن ردها لتلك القبيلة .؟
وفي المقابل ظهرت في الجزيرة العربية في القرون المتأخرة أسماء لقبائل لم تكن
معروفة من قبل ,وليس لها ذكرفي كتب الأنساب القديمة , فوقع الخلاف فيها أيضاً
إلى أي القبائل القديمة تنتمي ..؟
أما قبيلة جهينة فهي قضاعية بالإجماع .
وقضاعة , ذكر ابن حزم - رحمه الله – أنه وقع خلاف في نسبته إلى عدنان أو قحطان ,
وهذا نصه : ( وأما قضاعة فمختلف فيه , فقوم بقولون : قضاعة من معد بن عدنان , وقوم
يقولون هو قضاعة بن مالك بن حمير , والله أعلم ).
ويذكر ابن عبد البر - رحمه الله - سبب هذا الخلاف في نسب قضاعة , حيث يقول بعد كلام
طويل : ( وقال محمد بن حبيب إنما فسد نسب قضاعة بالحرب التي كانت بالشام أيام
حميد بن حريث الكلبي وعمير بن الحباب السلمي , وذلك أن خالد بن يزيد بن معاوية ابن
سفيان قال لأخواله من كلب - وكان مطاعاً فيهم وهم سادة قضاعة - : أطيعوني وحالفوا
اليمن وانتسبوا إليها , فإنكم تذلون بني مروان ومن انحط من أهوئهم من قيس وغيرها ,
فأطاعه بعضهم وعصاه آخرون , فكان بعضهم يقول : حالفنا اليمن , وبعضهم يقول بل
نحن منهم ).
وينقل نصاُ آخر في المعنى نفسه , يقول : ( وقال الشرقي بن القطامي : لم تعد قضاعة
على نسبها في معد في الجاهلية وأول الإسلام إلى أن أحدثت حلفاً بينها وبين أهل
اليمن أيام الزبير وبني مروان ).
ثم يقول : ( والأكثر أنها من معد بن عدنان ) , وفي المقابل قول آخر يذهب إلى أن رأي
الأكثرين أناه من حمير من قحطان , ومنهم الكلبي وابن إسحاق وغيرهما .
وفي المسألة حديثان يرويان عن النبي صلى الله عليه وسلم , حديث ينص على أن قضاعة
من عدنان , والآخر على أنها من قحطان , ولو صح أحدهما لكان نصاً في المسألة يرفع
الخلاف .
الحديث الأول : يرويه ابن عبد البر عن هشام بن عروة عن عائشة أنها قالت : سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( قضاعة من معد , كان بكر ولده وأكبرهم , وبه كان يكنى )
الحديث الثاني : يرويه ابن عبد البر أيضاً من حديث عقبة بن عامر الحهني أنه قال : ( قلت :
يارسول الله أما نحن من معد .؟ قال : لا , قلت : من نحن .؟ قال : أنتم قضاعة بن مالك بن حمير ).
ومن الشواهد الشعرية التي يستدل بها أصحاب القول الأول , قول زهير بن أبي سُلمى :
إذا لقحت حرب عوان مضرة = ضروس تهز الناس أنيابها عصل
قضاعية أو أختها مضرية = يحرق في حافاته الحطب الجزل
فجعل زهير في البيت الثاني قضاعة أخاً لمضر بن نزار بن معد بن عدنان .!
ويستدلون أيضاً بقول لبسيد :
فلا تسألينا وأسألي عن بلائنا =إياداً وكلباً من معد ووائلا
وكلب من قضاعة بلا خلاف , كما يقول ابن عبد البر .
ومما يزكي القول ( أنهم من عدنان ) , ما قاله العلامة ابن خلدون في تاريخه , حيث قال :
( وربما يشهد للقول الأول بأنهم من عدنان , أن بلادهم لا تتصل ببلاد اليمن , وإنما ببلاد
الشام وبلاد بني عدنا , والنسب البعيد يحيل الظنون ولا يرجع فيه إلى اليقين ).
المصدر / (( جهينة في عهد النبوة - الفضيلة والصحبة - ))
لـ : د : فهد بن سعد الزايدي الجهني
عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية
بفرع جامعة أم القرى بالطائف
سلسلة التعريف بنسب اولاد راشد ..